السبت، ٢٦ أبريل ٢٠٠٨

مذكرات مزواج


يراقب المارة من داخل دكانه ، لفتت انتباههُ وهي تتجول فوق أرصفه الشارع ، تتصفح واجهات المتاجر والوجوه ، تبتسم أحياناً لكلمات الغزل ، تخفي بريق عينيها و ورد الخدود خلف " اليشمك " يتمني أن تكون صفحة في كتابه ، ظل يراقبها حتى دخلت دكانه ، استقبلها مستبشراً
: طلباتك أوامر يا ست هانم 00!!
: " ما تبقاش حامي كده 00!؟ "
أخرجت رأسها من تحت ملاءتها اللَّف ، ثم رفعت برقعها وطرحته خلف ظهرها ، بدت لعينيه الخدود المتوهجة ، أزاحت ملاءتها قليلاً إلي الوراء وكشفت عن صدر مرمري ، سألته بدلال
: "عندك ستان حمصي وحرير بمبي "
مد يديه وتناول لفائف القماش من علي أرففها ، فرد أطرافها وقذفها في الهواء كأجنحة طير منهوك القوي ، حط برفق علي رأس المرأة ثم انزلق بنعومة علي الوجنات ، نام القماش علي صدر قلق لا يستقر علي حال 0
مدت يدها تختبر ملمسه الناعم ، رفعت طرف الحرير واختبرت بأسنانها متانة النسيج ، توارت ملاءتها قليلاً ، فظهرت بعض المفاتن ، اتسعت حدقة الرجل واحتار ما بين مفرق الصدر والشعر ، مد يده من تحت طيات القماش ليظهر لها محاسن بضاعته ، تلامست الأنامل ، فسرت قشعريرة في جسديهما وتلاقت العيون في لمحة خاطفة ، ارتجفت المرأة خجلاً من نظرة الرجل الوقحة ، سألته هاربة
:" بكم متر الستان يا حاج "
: لو نال الرضا 00 يبقي عربون محبة
:" مش كل الطير اللِّي يتَّاكلْ لحمه "
: أنا قصدي شريف 00 علي سنة الله ورسوله
جذبت برقعها من الخلف وغطت به نيران صفحة الوجه المتأججة 0
خلع " طربوشه " وجفف العرق الذي سال ، رافقها حتى باب الوكالة مودعاً بصوت مرتفع
: شرفتي 00 وآنستي 00 ثم همس لها مستفسراً عن موقع وميعاد اللقاء
:باكر في حمام النساء 00000!!!
في الموعود المتفق عليه ، توجه بصحبة زوجته إلي حمامها المعتاد ، تتبعهم الخادمة ، انتظر بالخارج يراقب الباب والشوارع 00 ربما تصل المرأة التي وعدته بالأمس ، لفت انتباهه خروج الخادمة مبكراً 00استوقفها مستفسراً 00 أخبرته لشراء العطر ولوازم الاستحمام من عم " عنتر " لم يعر للاسم اهتماماً ، تركها تمضي لحال سبيلها ، فقد كان كل همه رؤية المرأة التي ينتظرها 00
خرجت زوجته من حمامها وكأنها عروس في ليلة زفافها ، راقت في عينيه ، حثها علي سرعة السير ، لا يدري كيف وقعت منه في الوحل 00!!؟
هرعت امرأة منقبة لمعاونة الزوجة في النهوض من سقطتها ، لم يري من ملامح وجها إلا عيون لامعة خلف النقاب ، قال بداخله " ربما هي التى أحدثت بركة الماء أمام منزلها وتريد أن تكفر عن فعلتها بمساعدة زوجتي 0!؟
لم يعترض عندما دعت زوجته للدخول معها للاغتسال من الوحل 0
قبل أن أمرت الخادمة أن تحضر لها ثياب أخري من دارهم القريبة ثم همست لزوجها ضاحكة ، أن ينتظرها بجوار الباب 00
جلس الرجل علي جمر نار القلق ، تارة ينظر إلي عرض الشارع وتارة أخري ينظر إلي شرفة المنزل ، يغلي الدم في عروقه كلما رأي ملابس زوجته الداخلية ترفرف في الهواء0
يصرخ : " بسرعة شويه يا هانم 00!!؟ "
بينما كان يكابد هواجسه ،و إذا بالمرأة التي وعدته بالأمس تقبل عليه ، حاول أن الابتسام لها ، لم تطاوعه قسمات وجهه ، داعبته ساخرة
: حمام العافية يا حاج 00
تلعثمت الحروف في حلقه فهمهم لها بكلمات غير مفهومة ، تابع انصرافها بحسرة العاشق الملهوف ، قبل أن تغيب عن بصره ، رأي خادمة زوجته مقبلة بالثياب المطلوبة ، تحاول دخول المنزل ، بابه مغلق من الداخل ، نادت بصوت مرتفع
: " يا عم عنتر 00 يا عم عنتر "
انتفض الزوج كمن لدغته عقربة 00 قبض علي عنق الخادمة وهزها بعنف
:" عنتر مين يا بنت الكلـ 000 "
: " المواردي00 بتاع العطر يا سيدي "
التقط طربوشه من بركة الطين ، مسحه بكم قفطانه ومضي عائداً إلي دكانه، فتح بابه ، واتجه صوب خزانة أسراره ، أخرج منها كتاب ذكرياته ، قبل أن يقلب صفحاته إذا بالمرأة التي تمناها تخاطبه من خلف برقعها
: كتبت الحكاية في دفتر النسوان 00
التفت نحوها غاضباً ، لم يجد لها اثر ، خيل إليه أنها في طريقها للخروج من دكانه ، سار خلف طيفها يمزق صفحات كتابه 00 ورقة 00 ورقة

ليست هناك تعليقات: